تحوّلت حادثة احتراق 4 مراهقين ببلدية الحامة إلى مأساة حقيقية بعدما التهمتهم النيران داخل مغارة وهم الآن يصارعون الموت بمستشفى عين أزال الذي استعصت عليه حالتهم، كما استعصى الأمر على ذويهم الذين تحركوا في كل الاتجاهات، وهم الآن يتفرجون على أبنائهم وهم يموتون ببطء وأملهم الوحيد تدّخل مباشر من وزير الصحة لإنقاذ حياتهم.
عادة الحروق التي تصيب بعض الأشخاص تحدث في المنازل أو المحلات التي تستعمل الغاز، لكن ما حدث لأسامة داي (17 سنة) ويوسف بوراس (17 سنة)
وحمزة علاق (16 سنة) وهشام بوراس (16 سنة ) خرج عن المألوف لأن هؤلاء الشبان التهمتهم النيران وهم في مغارة ضيقة وظلوا يركضون وسط لهيب مفزع من النيران، وقد وقعت الحادثة مع مطلع الأسبوع (وقد تم التطرق إليها في الشروق اليومي في وقتها)، حيث توّجه الشبان الأربع إلى المغارة الكائنة بمنطقة الحمام ببلدية الحامة الواقعة جنوب ولاية سطيف، وهي مغارة عمرها أكثر من 70 سنة كانت تستعمل كمنجم من طرف المعمرين. وقد تحرك المراهقون بدافع الفضول والاستكشاف الممزوج بطيش الشباب، ولإنارة المكان اصطحبوا معهم قارورة ماء معدني قاموا بتعبئتها بسائل غاز البوتان. ولما تسللوا إلى عمق المغارة التي يبلغ طولها أكثر من 600 متر حاولوا إشعال القارورة باستعمال الفتيل، وهنا حدثت الكارثة، حيث تفاجأ الأربعة بانفجار مدوي وانبعاث ألسنة النيران بشكل مفزع وحسب ما رواه الشبان فإن النار غمرت المغارة بكاملها
وكان المشهد مفزعا للغاية، حيث وجدوا أنفسهم مرغمين على الركض وسط أمواج من النيران التي غمرت كل شيء، ويؤكد الشبان أن النيران كانت تندفع كالقطار نحو مخرج المغارة، بينما كان أسامة وأصدقاؤه يركضون في نفس الاتجاه فغمرتهم النيران ومن هول الموقف سقط أحدهم وأصيب بكسر، ورغم ذلك تمكن من مواصلة الركض وسط النيران التي أحرقت كل أجسادهم إلى درجة أنهم لما خرجوا من المغارة كان المشهد يشبه أفلام الرعب، حيث شاهد بعض الحضور أربعة أجسام ملتهبة بالنيران تركض في العراء، وفور تدخل بعض المواطنين تم نقل الشبان الأربعة إلى مستشفى عين أزال أين تبين أن أجسادهم أصيبت بحروق من الدرجة الثالثة، وبالتالي فإن حالتهم خطيرة للغاية فتم تحويلهم إلى المستشفى الجامعي سعادنة عبد النور بسطيف، لكن لما اطلع عليهم الطاقم الطبي فزع للأمر واعترف بعجزه على التكفل بالشبان الأربعة، في مثل هذه الظروف ولذلك صدر أمر بإعادتهم إلى مستشفى عين أزال، مع العلم أن هذا المستشفى لا يملك الامكانيات الضرورية للتكفل بحالتهم، خاصة أن الحروق بلغت العظام. وحسب المختصين فإن علاج مثل هذه الحالات يكون بمستشفى الدويرة المختص، لكن الوصول إلى هذه المؤسسة الاستشفائية يعد من المهمات الصعبة بالنسبة لأهالي المراهقين، خاصة أنهم من فئة الغلابى، ولذلك فهم يناشدون وزير الصحة جمال ولد عباس للتدخل من أجل التكفل بحالتهم قبل فوات الأوان لأنهم في تدهور مستمر والعناية الطبية الحالية غير كافية إطلاقا، وهي تقتصر على تزويدهم ببعض المهدئات فقط ولازالوا رغم مرور 5 أيام عن الحادثة لم يتلقوا العلاج الحقيقي، والجدير بالذكر أن حالتهم النفسية تدهورت هي الأخرى للغاية فهم لا يتوقفون عن الصراخ والبكاء ومنهم اثنان أصبحا منذ أمس يتحدثان بكلام غير مفهوم نتيجة الصدمة وحسب أهاليهم فهم أقرب للموت من الحياة، وفي حالة عدم تدخل وزير الصحة فإن أسامة ويوسف وحمزة وهشام لن يروا النور بعد اليوم، وقد تكون المغارة آخر مكان زاروه في حياتهم.
المصدر جريدة: الشروق