العرس
القبائلي بأيامه ولياليه الثلاثة التي لم تختزل في يوم واحد مثلما هو
الحال في عدد من المدن الجزائرية فيتحول إلى لوحة تشكيلية متمازجة الألوان
فوحدها "الجبة القبائلية" التي لا تخلو منها حقيبة سائحة أجنبية دخلت
السوق القبائلية تملأ المكان ألواناً وأشكالاً.. فهي (أي الجبة القبائلية)
بفصالتها التقليدية التي لم تغرها صرعات الموضة تزينها ما لا يقل عن عشرة
ألوان زاهية تعرف لدى الجزائريين بالألوان القبائلية التي يتم الحصول
عليها من الطبيعة وعلى رأسها اللون الوردي "الحاد" والبرتقالي المائل
للاصفرار والأخضر الفاتح البراق والأحمر القاتم.. ويزيد من جمال الجبة
القبائلية التي تحاط من فوق على مستوى الخصر بما يسمى ب "الفوطة" تلك
الأشكال الهندسية الدائرية والمربعة والثلاثية التي تتفن النسوة في رسمها
باستعمال خيوط "الزقزاق" وهي خيوط مسننة الجانبين مصنوعة من القطن الخالص
ألوانها لا متناهية تحول الجبة القبائلية إلى لوحة فنية تكاد تنطق حسناً
وزهواً.
هاذي هي البدلة
و هنا الفوطة جاية في الجهة اليمنى معلقة
و هذه نوع من الفوطات
وإلى جانب الجبة القبائلية التي تعد احدى أهم العناصر التي تصنع خصوصية
العرس القبائلي وتشد انتباه الأجنبي يحتل الكسكس القبائلي مكانة هامة لدى
المدعويين الذين يسيل لعابهم من الروائح الطيبة المنبعثة من المساحات
الكبيرة التي تحتلهن النسوة لتحضير "الصفرات".. ويتميز الكسكس القبائلي
بحباته الخشنة من حيث حجمها لكنها طرية وسهلة الهضم ويختلف مرق الكسكس
القبائلي عن ذلك الذي تحضره العائلات العربية في أعراسها بشرائح البصل
الكبيرة وحبات الفاصولياء الخضراء التي تملأ المرق الأحمر والحمص الكثير
الذي يعلو وجه الطبق فيما يبقى ذوقه الرفيع مما تجده مضموناً بامتياز وأنت
تتناول الملعقة استعداداً للأكل.
وللمرأة القبائلية دور كبير في احياء المناسبات السارة "الأورار" مثلما
لها دور هام في جلسات التأبين أو البكاء وان يتداول في المجتمع القبائلي
ان المرأة تستهلك الغناء مثلما تستهلك الخبز فإن الغناء أو "أشنا"
بالأمازيغيه يحرم عليها في حضرة الرجل.. وتكتسي ليلة الحناء أهمية قصوى في
العرس القبائلي من حيث دلالتها الاجتماعية بالنسبة للرجل وليس للمرأة..
فهي عند الرجل القبائلي شرط استيفائه الرجولة وتحمل المسؤولية بل خطوة نحو
الارتقاء الاجتماعي.. ونظراً لأهمية ليلة الحناء فهي تتصدر اليوم الأول من
الأيام الثلاثة الهامة التي يمتد اليها العرس ويسمى هذا اليوم "أعقن" أي
الأمر الواضح والرسمي.. وتبرز أهمية ليلة الحناء عند الرجل القبائلي في
سائر الطقوس والمعتدات التي ترافق جلسة الحناء في العريس.. ففي هذه الليلة
يجتمع الأهل والأحباب عنده لتناول العشاء قبل تحنيته عندها يعمد الرجل
الذي اولك له شرف تحنيهة العريس لمكانته الاجتماعية في السلم العائلي أو
البيئة المحيطة الى وضع أمام العريس كل ما يرمز إلى الصفاء والطهارة من
ماء وحلي فضية وبيض بعدها يبدأ بالصلاة على الرسول صلى الله عليه وسلم
والتعوذ من الشيطان من خلال أبيات شعرية يشاركه في ت
رديدها بعضا من الحضور تباركها زغاريد النسوة المختبئات وراء الستائر.. وتمر جلسة الحناء بثلاث مراحل أساسية.
المرحلة الأولى تسمى "أحباس الحنى" أو ما معناه حجز العريس والمحافظة عليه
حتى لا تصله القوى الشريرة وفي هذه المرحلة يجهر المختص بالتحنية انه وضع
الحناء في مكان آمن وبعيد لا يراه الوحوش ولا تصله الأفاعي والشياطين ثم
تأتي المرحلة الثانية اي مرحلة استرجاع الحناء ويقال انها وصلت الصحاري
البعيدة والفيافي واعماق البحار واخيرا المرحلة الثالثة اين تتم تحنية
العريس الذي ينهض بعدها ويكسر اناء الحناء برجله اليمنى امام المدعوين
ويدل هذا السلوك على معنيين الأول هو الانتماء إلى جماعة الرجال المحترمين
ووضع المرأة تحت نفوذه وتصرفه والثاني حصوله على شيء جديد من حيث علاقته
بمن ينتمي إليهم وتتغير مكانة العريس ابتداء من تلك الليلة.
"اضبالن" و"أمنداير" زينة العرس القبائلي
لا يخلو أي عرس قبائلي مهما كانت المكانة الاجتماعية لأهل العرس من
"اضبالهن" أو الطبابلة باللهجة العامية الجزائرية وهم فرقة الموسيقيين
الذين يستعملون الطبل والمزمار والبندير "امنداير" أدوات موسيقية رئيسية
ووحيدة في احياء المناسبات السارة من زواج وختان.. ويطلق على هؤلاء ايضاً
اسم "افراحن" أي صانعو الفرح والبهجة وهم معروفون بتنقلاتهم الكثيرة من
قرية إلى أخرى ومن بيت إلى آخر ويكثر الطلب عليهم من قبل العائلات التي
تعيش في المهجر بالأخص في فرنسا والتي تعود إلى الوطن موسم الصيف عموماً
لزفاف ابنائها أو طهارتهم وهم يسترجعون مع فرقة الموسيقيين كل عبق الماضي،
ورائحة البلاد والارتباط بالأرض.. وكل شيء مسموح عندما تحضر فرقة "اضبالن"
إذ حتى النساء القبائليات اللائي لا يبرحن البيت ولا يخرجن يسمح لهن
بالوقوف أمام البيوت ليشاطرن الرجال فرحتهم ولا احد يطلب من زوجته الدخول
إلى البيت أو الاختباء وراء الباب وكثيراً ما تجد العجائز في غمرة الفرح
بلباسهن التقليدي الأصيل يتغلغل وسط الرجال ليرقصن هن بدورهن والفرحة تملأ
وجوههن.. وبمجرد انصراف فرقة اضبالن لا يتأخر الرجال في أمر نسائهن
بالدخول إلى البيوت وغلق الأبواب.. وعادة ما تتكون فرقة
"اضبالن" من ثلاثة إلى خمسة عازفين.. العازف على "اتيلوث" الغيطة أو
المزمار والعازف على "انضبل" الطبل والعازف على "امنداير" البندير.. وكانت
الغيط تستعمل خصيصا من قبل (اسكلاوين) وهم المنحدرون من السود الذين
استقروا في بلاد القبائل وعرفوا بعدها بحرف محددة مثل الجزارة والحدادة
والموسيقى.. ومثلهن مثل الرجال تجد في المجتمع القبائلي فرق نسائية
للموسيقى تدعى "ثضابلت" وجدن استجابة لقيمة "الحرمة" بين الرجال والنساء
للمرأة القبائليية ان تغني كما أسلفنا في حضرة الرجل ولا يجوز للرجل أن
يخترق جلسات النساء فكانت الحاجة لفرق فنية نسائية تحيي حفلات العروس في
بيتها وتملؤه فرحاً
القبائلي بأيامه ولياليه الثلاثة التي لم تختزل في يوم واحد مثلما هو
الحال في عدد من المدن الجزائرية فيتحول إلى لوحة تشكيلية متمازجة الألوان
فوحدها "الجبة القبائلية" التي لا تخلو منها حقيبة سائحة أجنبية دخلت
السوق القبائلية تملأ المكان ألواناً وأشكالاً.. فهي (أي الجبة القبائلية)
بفصالتها التقليدية التي لم تغرها صرعات الموضة تزينها ما لا يقل عن عشرة
ألوان زاهية تعرف لدى الجزائريين بالألوان القبائلية التي يتم الحصول
عليها من الطبيعة وعلى رأسها اللون الوردي "الحاد" والبرتقالي المائل
للاصفرار والأخضر الفاتح البراق والأحمر القاتم.. ويزيد من جمال الجبة
القبائلية التي تحاط من فوق على مستوى الخصر بما يسمى ب "الفوطة" تلك
الأشكال الهندسية الدائرية والمربعة والثلاثية التي تتفن النسوة في رسمها
باستعمال خيوط "الزقزاق" وهي خيوط مسننة الجانبين مصنوعة من القطن الخالص
ألوانها لا متناهية تحول الجبة القبائلية إلى لوحة فنية تكاد تنطق حسناً
وزهواً.
هاذي هي البدلة
و هنا الفوطة جاية في الجهة اليمنى معلقة
و هذه نوع من الفوطات
وإلى جانب الجبة القبائلية التي تعد احدى أهم العناصر التي تصنع خصوصية
العرس القبائلي وتشد انتباه الأجنبي يحتل الكسكس القبائلي مكانة هامة لدى
المدعويين الذين يسيل لعابهم من الروائح الطيبة المنبعثة من المساحات
الكبيرة التي تحتلهن النسوة لتحضير "الصفرات".. ويتميز الكسكس القبائلي
بحباته الخشنة من حيث حجمها لكنها طرية وسهلة الهضم ويختلف مرق الكسكس
القبائلي عن ذلك الذي تحضره العائلات العربية في أعراسها بشرائح البصل
الكبيرة وحبات الفاصولياء الخضراء التي تملأ المرق الأحمر والحمص الكثير
الذي يعلو وجه الطبق فيما يبقى ذوقه الرفيع مما تجده مضموناً بامتياز وأنت
تتناول الملعقة استعداداً للأكل.
وللمرأة القبائلية دور كبير في احياء المناسبات السارة "الأورار" مثلما
لها دور هام في جلسات التأبين أو البكاء وان يتداول في المجتمع القبائلي
ان المرأة تستهلك الغناء مثلما تستهلك الخبز فإن الغناء أو "أشنا"
بالأمازيغيه يحرم عليها في حضرة الرجل.. وتكتسي ليلة الحناء أهمية قصوى في
العرس القبائلي من حيث دلالتها الاجتماعية بالنسبة للرجل وليس للمرأة..
فهي عند الرجل القبائلي شرط استيفائه الرجولة وتحمل المسؤولية بل خطوة نحو
الارتقاء الاجتماعي.. ونظراً لأهمية ليلة الحناء فهي تتصدر اليوم الأول من
الأيام الثلاثة الهامة التي يمتد اليها العرس ويسمى هذا اليوم "أعقن" أي
الأمر الواضح والرسمي.. وتبرز أهمية ليلة الحناء عند الرجل القبائلي في
سائر الطقوس والمعتدات التي ترافق جلسة الحناء في العريس.. ففي هذه الليلة
يجتمع الأهل والأحباب عنده لتناول العشاء قبل تحنيته عندها يعمد الرجل
الذي اولك له شرف تحنيهة العريس لمكانته الاجتماعية في السلم العائلي أو
البيئة المحيطة الى وضع أمام العريس كل ما يرمز إلى الصفاء والطهارة من
ماء وحلي فضية وبيض بعدها يبدأ بالصلاة على الرسول صلى الله عليه وسلم
والتعوذ من الشيطان من خلال أبيات شعرية يشاركه في ت
رديدها بعضا من الحضور تباركها زغاريد النسوة المختبئات وراء الستائر.. وتمر جلسة الحناء بثلاث مراحل أساسية.
المرحلة الأولى تسمى "أحباس الحنى" أو ما معناه حجز العريس والمحافظة عليه
حتى لا تصله القوى الشريرة وفي هذه المرحلة يجهر المختص بالتحنية انه وضع
الحناء في مكان آمن وبعيد لا يراه الوحوش ولا تصله الأفاعي والشياطين ثم
تأتي المرحلة الثانية اي مرحلة استرجاع الحناء ويقال انها وصلت الصحاري
البعيدة والفيافي واعماق البحار واخيرا المرحلة الثالثة اين تتم تحنية
العريس الذي ينهض بعدها ويكسر اناء الحناء برجله اليمنى امام المدعوين
ويدل هذا السلوك على معنيين الأول هو الانتماء إلى جماعة الرجال المحترمين
ووضع المرأة تحت نفوذه وتصرفه والثاني حصوله على شيء جديد من حيث علاقته
بمن ينتمي إليهم وتتغير مكانة العريس ابتداء من تلك الليلة.
"اضبالن" و"أمنداير" زينة العرس القبائلي
لا يخلو أي عرس قبائلي مهما كانت المكانة الاجتماعية لأهل العرس من
"اضبالهن" أو الطبابلة باللهجة العامية الجزائرية وهم فرقة الموسيقيين
الذين يستعملون الطبل والمزمار والبندير "امنداير" أدوات موسيقية رئيسية
ووحيدة في احياء المناسبات السارة من زواج وختان.. ويطلق على هؤلاء ايضاً
اسم "افراحن" أي صانعو الفرح والبهجة وهم معروفون بتنقلاتهم الكثيرة من
قرية إلى أخرى ومن بيت إلى آخر ويكثر الطلب عليهم من قبل العائلات التي
تعيش في المهجر بالأخص في فرنسا والتي تعود إلى الوطن موسم الصيف عموماً
لزفاف ابنائها أو طهارتهم وهم يسترجعون مع فرقة الموسيقيين كل عبق الماضي،
ورائحة البلاد والارتباط بالأرض.. وكل شيء مسموح عندما تحضر فرقة "اضبالن"
إذ حتى النساء القبائليات اللائي لا يبرحن البيت ولا يخرجن يسمح لهن
بالوقوف أمام البيوت ليشاطرن الرجال فرحتهم ولا احد يطلب من زوجته الدخول
إلى البيت أو الاختباء وراء الباب وكثيراً ما تجد العجائز في غمرة الفرح
بلباسهن التقليدي الأصيل يتغلغل وسط الرجال ليرقصن هن بدورهن والفرحة تملأ
وجوههن.. وبمجرد انصراف فرقة اضبالن لا يتأخر الرجال في أمر نسائهن
بالدخول إلى البيوت وغلق الأبواب.. وعادة ما تتكون فرقة
"اضبالن" من ثلاثة إلى خمسة عازفين.. العازف على "اتيلوث" الغيطة أو
المزمار والعازف على "انضبل" الطبل والعازف على "امنداير" البندير.. وكانت
الغيط تستعمل خصيصا من قبل (اسكلاوين) وهم المنحدرون من السود الذين
استقروا في بلاد القبائل وعرفوا بعدها بحرف محددة مثل الجزارة والحدادة
والموسيقى.. ومثلهن مثل الرجال تجد في المجتمع القبائلي فرق نسائية
للموسيقى تدعى "ثضابلت" وجدن استجابة لقيمة "الحرمة" بين الرجال والنساء
للمرأة القبائليية ان تغني كما أسلفنا في حضرة الرجل ولا يجوز للرجل أن
يخترق جلسات النساء فكانت الحاجة لفرق فنية نسائية تحيي حفلات العروس في
بيتها وتملؤه فرحاً