كانت هناك في ذلك الماضي ذكرى ..
.بين مكنوناته كانت و ها هي الآن تراودني عن نفسي ..
حتى تحظى بنصيب من ذاكرتي..
لكنها لا تعلم انها نالت مرادها مذ كان لذلك الماضي وجود..
لم تكن بالقدر الذي تصورته من الابهار و الإعجاب الذي شغف به الكثيرون ممن رووا لي حكاياتها و سيرتها و قصصها التي أضحت أشهر من نار على علم،،،، لم تكن حتى بالجمال الذي يسلب فنانا للكتابة فيه، و لا حتى محطة إبداع يمكن الوقوف عندها ثم الولوج من خلالها إلى أجمل العوالم التي نرغب فيها كلنا
لا أخشاها لأنها مهما كانت هي مجرد..أنا في طيات الماضي ..لكنني للحظات أخشاها ..كونها لن تعود ..فمنذ ذلك الحين ..رافقني الحزن..
بقيت واجما في مكاني بلا حراك كأن بي شللا أو فالجا أصابني قبل الذهول...لم أكن لأتصور أنها أضحت في مكان كهذا و في موقف كهذا، بل وسط كومة من الشحوب الذي يميز الوجوه السافرة التي كانت معها... خسارة كبرى فقد ضاعت الوردة ووقعت في أيدي الشر بعينه بوهم و زيف رسم لها حدود الحياة جنة و حديقة فيها مكانها .... خسارة لفقدانها حقا..
فيا زائر الظلام سله عن ماضي إن كان يذكرني ..فهي كانت و لا زالت تراودني .أضحت رغم عشقي لها نارا تحرقني ..تحرق أوراقي..تؤرق حاضري تؤرقني
...يمر امامك شريط الذكريات...فيه تتعدد الصفحات ،تتزاحم فيما بينها ...تمر تباعا في لحظات ،تضرب الزمن والمكان عرض الحائط...دون مبالاة.
...دقائق ساعات ايام شهور سنوات كلها تمر نصب عينك في لحظات
فمنها من يشدك شدا ويضمك ضما الى الماضي وتود لو انك تستطيع استرجاعه الى الواقع...لكن لالالا هذا بعيد المحال
... للاسف لا دخل لك ابدا،....شريط يمر نصب عينك في لحظات...
حل الظلام..دق الناقوس أن نم قد حان وقت النوم..انه قانون المدينة..!لكن قبل النوم لا تنسى ان تخلع ذاكرتك و تتركها خارجا..
وددت ان اختار منها بعض المقاطع ..المقاطع التي نسختها ..بدل الشريط مئة ..
حين استيقظتْ صباحا..وكنت مريضة عجزت عن الوقوف و اكتفيت بسماع وقع اقدامها في الارجاء و نغمة صوتها التي توحي بالوداع..اقتربتْ من مرقدي ..و قبلتْ جبهتي بيدها الحنون
غابت عني الحمى في تلك اللحظة و سارت في عروقي بدل الدم دموع..!
فجأة رحلت ..!
لم استطع قول مع السلامة..لم اسطع حتى النظر في وجهها..كتمت دموعي هنيهة لكنني عجزت ..فحتى الدموع احست بالبعد ..خافت ان لا تعود..!
و كتمت دمعتي خوف أن تشعر بأني متألم لفراقها، و لكني لحمقي مثلت دور الرجل الذي لا ينهدّ له كاهل و لا يكسر له قول،،، كتمت كلّ شيء جعله الله لنا راحة و شفاء من الألم ،،،، آه كم كنت غبيا لأنها كانت على باب الرحيل و لم أبك رحيلها في حضرتها...
قد كنت غبيا فعلا..بل ضعيفا ..ندمت لاني لم ابك رحيلها ..ندمت على غياب شجاعتي في تلك اللحظة..كنت اعلم انها تتحسر في داخلها على تركي ..!تتحسر كون الظروف ارغمتها ...
و انا اتحسر اليوم عن تلك الدمعة التي لم ترها ..عن تلك العين التي لم تنظرها و هي التي احبت ذلك رغم انها تؤلمها..
أحبته لأنها لم تجد البديل غيري و أنا لم أجد البديل غيرها،،،، كانت بينها و بين نفسها تبحث عن الخلاص من همّ أرّقها مذ كانت في جنبات الحياة شابة تريد حياة كلها سعادة و فرح،،،ندمت لأني حاولت مرارا أن أعوض شيئا من خوفها و ألمها الساكن داخلها لكني فشلت في البوح عمّا اختلجني، كيف لا أفشل و قد فشلت حتى في بكائها،،،، لقد رحلت حقا.
رحلت في ذلك اليوم و رحلت معها انفاسي ..و هي التي ضيعت من أجلي شبابها و انفاسها ..في ذلك العمق من الالم..الذي اجتابها و الخوف عليَ ..الخوف حتى على رموشي من نسمات الصبح
لم اجد لها بديلا..و لو كنت اجد لها غيري بديلا لجعلته طوع اوامرها ..لانني فشلت في بكائها..
فماذا لو رحلت دون عودة..ماذا لو أنني اليوم ارثيها..بدل ذكرى ذلك اليوم..؟
فتشت في كل مكان..
فتّشت في نفسي و في جسدي
و في كلّ الأركان...
فتشت في قلبي و في كبدي وفي روح الأكوان...
فتشت في زمن أضحى لججا تعلو هامات فؤادي.
و تؤرق أزمان الأزمان...
فتشت في عمري و في قدري
رفعت الستر عن بصري...
وطفت به ... عساني أعثر يا قمري
عليك يا نبع حنان...
فتشت في كلّ مكان
عساني أرسم من ألمي
فرحا يختصر الأشجان...
فتشت لكني لم أعثر على شيء ضيعته بين يدي، لقد قالها الحكماء حقا: نندم على الشيء حين يضيع و لا نعرف قيمته إلا حينما يكون بعيدا عنا
البعد مصطلح يخشاه قاموسي و يخشى منه ذلك الوجه ..يخشى منه تلك الأحزان ..التي غاب عنها رمز المحبة يوما..فأضحت ظلا يتيما يلازمني ..يسأل عن حال المعشوقة بعد الرحيل..يرثي حالي ..يِؤنب ضعفي...يرديني اسير الخيال ..
فما الذي يحدث خارج القضبان..؟و متى العتق من الاحزان..؟
لا أدري و لكني صرت مسجونا بين عتبات الساعة التي أظل شاخصا أمامها لا أحرك ساكنا عسى الساعة تعيد إلي ما مضى من الزمن الجميل و يعود معه من صرت مدينا له بشطر كبير من حياتي، كيف لا و هو الذي علمني معنى الحياة بل علمني كيف أعيش الحياة.لا أدري و لكني أحس بسجني في داخلي و بداخلي أحس بأسر يكبل كل حواسي و يقول لي: قف مكانك فأنت لا تساوي شيئا بدونه.
كان سببا في حياتي..لكن للاسف عجزت عن تلقين لساني تلك الكلمة التي رددتها بيني و بين نبضاتي العديد من المرات ..لربما تألفها تلك القطعة من اللحم ..لكن لم يحدث شيء من هذا..
فحتى الهمس حتى الشعور مقرون به ..لا أكاد اقوى على التنفس لولاه..
اريد التحرر من ذلك الاسر فقط ليوم واحد ..للحظة..لأقول ....
لأقول ما أريد وقت ما أريد، لأعبر لأرفض لأصرخ لأحتج لأبكي لأحكي لأشكو لأندم لأمرّ على عتبات الزمن و لأطل على شرفات الحياة التي كانت لي معه ثم ضاعت كما ضاع شعر المتنبي في عنق من لم يستحقه يوما و ضعت أنا بين الحياة و بين الأمل المعقود على عودة من لا رجعة له،،، أعلم ذلك، سيكون الأمر صعبا على القدر الذي يصعب تخيل عدم ملاقاته بعد اليوم، آه كم كان الفرق شاسعا لو خطفه الموت ، لكانت الذكرى ملاذا لي في ذلك الموقف ، و ربما كنت لأنساه و أنسى معه كلّ شيء، كيف لا و الزمن بمقدروه أن ينسينا موتانا ممن نحب و لا نتذكرهم إلا في العيدين حين زيارة قبورهم،،،، لكنما ليس الموت من لعب معي لعبة القدر المحتوم، بل كانت الفصول كلها من صنيعي، و كان صنيعي أسوأ ما فعلت، لذلك أجدني نادما أشد الندم على كلّ شيء بل و على أي شيء كان، قد ضيعته و ضيعت منه قيمة لن تكون بعده...
لن يكون للوجود بعدهه وجود ..قدري صنعته بيدي..و ها انا الآن في دور النادم البائس..ارمي بسهام شقائي ورائي فتلاحقني ...اغلق مذكرتي التي خططت فيها قصتي فيُُفتح جرحي يذكرني ..
أخبئ قلمي الأسود..فيئن و لا أجد نفسي إلا ماسكا إياه تداعبه أناملي..في الماضي كان عبدا مأمورا و ها هو اليوم يأمرني..صيرني عبدا..و ألقاني بين صفحات دفتري اليتيم..أن ألق بمداد ندمك و شقائك بين طياته ..كن كما تحب ان تكون ..نادما حزينا بائسا شقيا يتيم حس كريم دمعة..
فقط كن وفيا..لمن علمك الوفاء ..و لو بسطر تخطه يمناك ..
سأكون له وفيا لأنه علمني الوفاء في كل محطة عمر، سأكون له وفيا على القدر الذي لم أستطع أن أحتفظ به، لكني سأحاول رغم كل شيء أن أجعله مقدسا كما الشعر في حياتي، سأكون له وفيا لأن الوفاء طبعه الذي عنه لا يحيد، سأجبر نفسي رغم الألم الذي يجتاحني في لحظات سكوني و فوضاي أن أذكره لأنه مني و لأني منه، لأنه أنا و لأنه أناي، أعلم أن الوجود بعدمه ضرب من المرارة المصحوبة بالشقاء و التعاسة، أعلم ذلك و لكن مصيري أن أعيش يتيما بدونه أرتشف قهوة بلا سكر في غيابه، كيف لا و هو السكر الذي يحلّي مرارة ايامي و قهوتي كلّ صباح.
فحتى سواد القهوة..كان حلوا في وجوده..لكنه اليوم اضحى ماضي ..و لم يبق سوى اللوم الذي كان الكل و لا يزالون يرمونني به..فقط لأني آمنت بشيء غير شرعي كما سموه دون أن أستشير قوانينهم.. فقط لأني اردت ان أجعل لنفسي قاموسا لا يرحب بما ليس جميل..فقط لأني أردت بناء دولة لا تخضع لقانون الغاب ذاك..فقط لأني أردت الحلم بعودة الماضي..فقط لأنني أردت تغيير خارطة التفكير ..و أحيلها أملا يستحيل الافول ...فأحيى حبا في الحياة..حبا في وصول المستقبل..ليكون حاضري هذا ماضيا جميلا ..لا وجود أمامه لعبارة قف ممنوع الدخول..!
فهو من علمني المسموح و أن الحياة لنا جميعها و لنا جميعا لنعيشها بكل حب و حياة
علمني أننا مخلوقات وجدت لتحب و تحيي رغم كل شيء
رغم القيود المفروضة علينا رغم القوانين رغم كل شيء رغم اللاشيء سأحيى كما علمني و كما علمتني الليالي يوما ..
أن أعشق الحياة
نعم لن أطلب الموت مجددا
لن أنتحر بحبل الصمت
لأنني بكل بساطة
استئنس بظلمة الصبح
أستئنس ببسمتي الدامعة
فرغم كل شيء سابتسم
و سأعشق الحياة
و إن لم أنجح في الحياة ، في حياتي كما كان هو فسألجأ إلى ابتسامة رغم كلّ شيء، سآخذ بنصائح أبي مضي، لأكون جميلا، و سآخذ بقول من نزار لأكون جميلا، و سآخذ برأي القلادة لأكون دوما مبتسما،،، هكذا سأطارد همي و ألمي و أعيش الحب الذي أراده لي مقدسا كالشعر عندي... سأعيش رغم كلّ شيء .
لن تصرفني الظروف مهما كانت.. عن سعادتي ..عن قدري الجميل..عن قلمي..عن دفتري..
لن تصرفني عن نفسي..التي ستكون الافضل رغم كل شيء ..و رغما عني ..رغما عن تعاستي..رغما عن من يصنعون قدري الحزين..سأبتسم مثلما قال خاتمي..رغم كل شيء...!!!
و رغم كل شيئ فلن أحبس الفراشات التي ألفن التحليق في أرجاء اللا منتهى، سأترك لها من المساحة ما أملك و من القلب ما أملك و من الحب ما أملك و من الحياة كل ما أملك لأنها ستكون بنات أفكاري التي لا بديل عنها و لا بديل لها، سأجد لنفسي قدرا آخر غير الذي كتبت ذات يوم، و ستكونين معي، أتعلمين لماذا خاطبتك و كأنك معي؟ لأنك فعلا معي،،، فالغائب من الضمائر لن يكون في حديث عنك لا عنها،،، ستكونين معي رغم كلّ شيء،،،، و سأكون أنا رغم كلّ شيء.
لحظة البداية...كانت هناك في ذلك الماضي ذكرى، أما الآن فهي هنا.
*******توأمة بقلم القلادة الضائعة و عابر سبيل********
.بين مكنوناته كانت و ها هي الآن تراودني عن نفسي ..
حتى تحظى بنصيب من ذاكرتي..
لكنها لا تعلم انها نالت مرادها مذ كان لذلك الماضي وجود..
لم تكن بالقدر الذي تصورته من الابهار و الإعجاب الذي شغف به الكثيرون ممن رووا لي حكاياتها و سيرتها و قصصها التي أضحت أشهر من نار على علم،،،، لم تكن حتى بالجمال الذي يسلب فنانا للكتابة فيه، و لا حتى محطة إبداع يمكن الوقوف عندها ثم الولوج من خلالها إلى أجمل العوالم التي نرغب فيها كلنا
لا أخشاها لأنها مهما كانت هي مجرد..أنا في طيات الماضي ..لكنني للحظات أخشاها ..كونها لن تعود ..فمنذ ذلك الحين ..رافقني الحزن..
بقيت واجما في مكاني بلا حراك كأن بي شللا أو فالجا أصابني قبل الذهول...لم أكن لأتصور أنها أضحت في مكان كهذا و في موقف كهذا، بل وسط كومة من الشحوب الذي يميز الوجوه السافرة التي كانت معها... خسارة كبرى فقد ضاعت الوردة ووقعت في أيدي الشر بعينه بوهم و زيف رسم لها حدود الحياة جنة و حديقة فيها مكانها .... خسارة لفقدانها حقا..
فيا زائر الظلام سله عن ماضي إن كان يذكرني ..فهي كانت و لا زالت تراودني .أضحت رغم عشقي لها نارا تحرقني ..تحرق أوراقي..تؤرق حاضري تؤرقني
...يمر امامك شريط الذكريات...فيه تتعدد الصفحات ،تتزاحم فيما بينها ...تمر تباعا في لحظات ،تضرب الزمن والمكان عرض الحائط...دون مبالاة.
...دقائق ساعات ايام شهور سنوات كلها تمر نصب عينك في لحظات
فمنها من يشدك شدا ويضمك ضما الى الماضي وتود لو انك تستطيع استرجاعه الى الواقع...لكن لالالا هذا بعيد المحال
... للاسف لا دخل لك ابدا،....شريط يمر نصب عينك في لحظات...
حل الظلام..دق الناقوس أن نم قد حان وقت النوم..انه قانون المدينة..!لكن قبل النوم لا تنسى ان تخلع ذاكرتك و تتركها خارجا..
وددت ان اختار منها بعض المقاطع ..المقاطع التي نسختها ..بدل الشريط مئة ..
حين استيقظتْ صباحا..وكنت مريضة عجزت عن الوقوف و اكتفيت بسماع وقع اقدامها في الارجاء و نغمة صوتها التي توحي بالوداع..اقتربتْ من مرقدي ..و قبلتْ جبهتي بيدها الحنون
غابت عني الحمى في تلك اللحظة و سارت في عروقي بدل الدم دموع..!
فجأة رحلت ..!
لم استطع قول مع السلامة..لم اسطع حتى النظر في وجهها..كتمت دموعي هنيهة لكنني عجزت ..فحتى الدموع احست بالبعد ..خافت ان لا تعود..!
و كتمت دمعتي خوف أن تشعر بأني متألم لفراقها، و لكني لحمقي مثلت دور الرجل الذي لا ينهدّ له كاهل و لا يكسر له قول،،، كتمت كلّ شيء جعله الله لنا راحة و شفاء من الألم ،،،، آه كم كنت غبيا لأنها كانت على باب الرحيل و لم أبك رحيلها في حضرتها...
قد كنت غبيا فعلا..بل ضعيفا ..ندمت لاني لم ابك رحيلها ..ندمت على غياب شجاعتي في تلك اللحظة..كنت اعلم انها تتحسر في داخلها على تركي ..!تتحسر كون الظروف ارغمتها ...
و انا اتحسر اليوم عن تلك الدمعة التي لم ترها ..عن تلك العين التي لم تنظرها و هي التي احبت ذلك رغم انها تؤلمها..
أحبته لأنها لم تجد البديل غيري و أنا لم أجد البديل غيرها،،،، كانت بينها و بين نفسها تبحث عن الخلاص من همّ أرّقها مذ كانت في جنبات الحياة شابة تريد حياة كلها سعادة و فرح،،،ندمت لأني حاولت مرارا أن أعوض شيئا من خوفها و ألمها الساكن داخلها لكني فشلت في البوح عمّا اختلجني، كيف لا أفشل و قد فشلت حتى في بكائها،،،، لقد رحلت حقا.
رحلت في ذلك اليوم و رحلت معها انفاسي ..و هي التي ضيعت من أجلي شبابها و انفاسها ..في ذلك العمق من الالم..الذي اجتابها و الخوف عليَ ..الخوف حتى على رموشي من نسمات الصبح
لم اجد لها بديلا..و لو كنت اجد لها غيري بديلا لجعلته طوع اوامرها ..لانني فشلت في بكائها..
فماذا لو رحلت دون عودة..ماذا لو أنني اليوم ارثيها..بدل ذكرى ذلك اليوم..؟
فتشت في كل مكان..
فتّشت في نفسي و في جسدي
و في كلّ الأركان...
فتشت في قلبي و في كبدي وفي روح الأكوان...
فتشت في زمن أضحى لججا تعلو هامات فؤادي.
و تؤرق أزمان الأزمان...
فتشت في عمري و في قدري
رفعت الستر عن بصري...
وطفت به ... عساني أعثر يا قمري
عليك يا نبع حنان...
فتشت في كلّ مكان
عساني أرسم من ألمي
فرحا يختصر الأشجان...
فتشت لكني لم أعثر على شيء ضيعته بين يدي، لقد قالها الحكماء حقا: نندم على الشيء حين يضيع و لا نعرف قيمته إلا حينما يكون بعيدا عنا
البعد مصطلح يخشاه قاموسي و يخشى منه ذلك الوجه ..يخشى منه تلك الأحزان ..التي غاب عنها رمز المحبة يوما..فأضحت ظلا يتيما يلازمني ..يسأل عن حال المعشوقة بعد الرحيل..يرثي حالي ..يِؤنب ضعفي...يرديني اسير الخيال ..
فما الذي يحدث خارج القضبان..؟و متى العتق من الاحزان..؟
لا أدري و لكني صرت مسجونا بين عتبات الساعة التي أظل شاخصا أمامها لا أحرك ساكنا عسى الساعة تعيد إلي ما مضى من الزمن الجميل و يعود معه من صرت مدينا له بشطر كبير من حياتي، كيف لا و هو الذي علمني معنى الحياة بل علمني كيف أعيش الحياة.لا أدري و لكني أحس بسجني في داخلي و بداخلي أحس بأسر يكبل كل حواسي و يقول لي: قف مكانك فأنت لا تساوي شيئا بدونه.
كان سببا في حياتي..لكن للاسف عجزت عن تلقين لساني تلك الكلمة التي رددتها بيني و بين نبضاتي العديد من المرات ..لربما تألفها تلك القطعة من اللحم ..لكن لم يحدث شيء من هذا..
فحتى الهمس حتى الشعور مقرون به ..لا أكاد اقوى على التنفس لولاه..
اريد التحرر من ذلك الاسر فقط ليوم واحد ..للحظة..لأقول ....
لأقول ما أريد وقت ما أريد، لأعبر لأرفض لأصرخ لأحتج لأبكي لأحكي لأشكو لأندم لأمرّ على عتبات الزمن و لأطل على شرفات الحياة التي كانت لي معه ثم ضاعت كما ضاع شعر المتنبي في عنق من لم يستحقه يوما و ضعت أنا بين الحياة و بين الأمل المعقود على عودة من لا رجعة له،،، أعلم ذلك، سيكون الأمر صعبا على القدر الذي يصعب تخيل عدم ملاقاته بعد اليوم، آه كم كان الفرق شاسعا لو خطفه الموت ، لكانت الذكرى ملاذا لي في ذلك الموقف ، و ربما كنت لأنساه و أنسى معه كلّ شيء، كيف لا و الزمن بمقدروه أن ينسينا موتانا ممن نحب و لا نتذكرهم إلا في العيدين حين زيارة قبورهم،،،، لكنما ليس الموت من لعب معي لعبة القدر المحتوم، بل كانت الفصول كلها من صنيعي، و كان صنيعي أسوأ ما فعلت، لذلك أجدني نادما أشد الندم على كلّ شيء بل و على أي شيء كان، قد ضيعته و ضيعت منه قيمة لن تكون بعده...
لن يكون للوجود بعدهه وجود ..قدري صنعته بيدي..و ها انا الآن في دور النادم البائس..ارمي بسهام شقائي ورائي فتلاحقني ...اغلق مذكرتي التي خططت فيها قصتي فيُُفتح جرحي يذكرني ..
أخبئ قلمي الأسود..فيئن و لا أجد نفسي إلا ماسكا إياه تداعبه أناملي..في الماضي كان عبدا مأمورا و ها هو اليوم يأمرني..صيرني عبدا..و ألقاني بين صفحات دفتري اليتيم..أن ألق بمداد ندمك و شقائك بين طياته ..كن كما تحب ان تكون ..نادما حزينا بائسا شقيا يتيم حس كريم دمعة..
فقط كن وفيا..لمن علمك الوفاء ..و لو بسطر تخطه يمناك ..
سأكون له وفيا لأنه علمني الوفاء في كل محطة عمر، سأكون له وفيا على القدر الذي لم أستطع أن أحتفظ به، لكني سأحاول رغم كل شيء أن أجعله مقدسا كما الشعر في حياتي، سأكون له وفيا لأن الوفاء طبعه الذي عنه لا يحيد، سأجبر نفسي رغم الألم الذي يجتاحني في لحظات سكوني و فوضاي أن أذكره لأنه مني و لأني منه، لأنه أنا و لأنه أناي، أعلم أن الوجود بعدمه ضرب من المرارة المصحوبة بالشقاء و التعاسة، أعلم ذلك و لكن مصيري أن أعيش يتيما بدونه أرتشف قهوة بلا سكر في غيابه، كيف لا و هو السكر الذي يحلّي مرارة ايامي و قهوتي كلّ صباح.
فحتى سواد القهوة..كان حلوا في وجوده..لكنه اليوم اضحى ماضي ..و لم يبق سوى اللوم الذي كان الكل و لا يزالون يرمونني به..فقط لأني آمنت بشيء غير شرعي كما سموه دون أن أستشير قوانينهم.. فقط لأني اردت ان أجعل لنفسي قاموسا لا يرحب بما ليس جميل..فقط لأني أردت بناء دولة لا تخضع لقانون الغاب ذاك..فقط لأني أردت الحلم بعودة الماضي..فقط لأنني أردت تغيير خارطة التفكير ..و أحيلها أملا يستحيل الافول ...فأحيى حبا في الحياة..حبا في وصول المستقبل..ليكون حاضري هذا ماضيا جميلا ..لا وجود أمامه لعبارة قف ممنوع الدخول..!
فهو من علمني المسموح و أن الحياة لنا جميعها و لنا جميعا لنعيشها بكل حب و حياة
علمني أننا مخلوقات وجدت لتحب و تحيي رغم كل شيء
رغم القيود المفروضة علينا رغم القوانين رغم كل شيء رغم اللاشيء سأحيى كما علمني و كما علمتني الليالي يوما ..
أن أعشق الحياة
نعم لن أطلب الموت مجددا
لن أنتحر بحبل الصمت
لأنني بكل بساطة
استئنس بظلمة الصبح
أستئنس ببسمتي الدامعة
فرغم كل شيء سابتسم
و سأعشق الحياة
و إن لم أنجح في الحياة ، في حياتي كما كان هو فسألجأ إلى ابتسامة رغم كلّ شيء، سآخذ بنصائح أبي مضي، لأكون جميلا، و سآخذ بقول من نزار لأكون جميلا، و سآخذ برأي القلادة لأكون دوما مبتسما،،، هكذا سأطارد همي و ألمي و أعيش الحب الذي أراده لي مقدسا كالشعر عندي... سأعيش رغم كلّ شيء .
لن تصرفني الظروف مهما كانت.. عن سعادتي ..عن قدري الجميل..عن قلمي..عن دفتري..
لن تصرفني عن نفسي..التي ستكون الافضل رغم كل شيء ..و رغما عني ..رغما عن تعاستي..رغما عن من يصنعون قدري الحزين..سأبتسم مثلما قال خاتمي..رغم كل شيء...!!!
و رغم كل شيئ فلن أحبس الفراشات التي ألفن التحليق في أرجاء اللا منتهى، سأترك لها من المساحة ما أملك و من القلب ما أملك و من الحب ما أملك و من الحياة كل ما أملك لأنها ستكون بنات أفكاري التي لا بديل عنها و لا بديل لها، سأجد لنفسي قدرا آخر غير الذي كتبت ذات يوم، و ستكونين معي، أتعلمين لماذا خاطبتك و كأنك معي؟ لأنك فعلا معي،،، فالغائب من الضمائر لن يكون في حديث عنك لا عنها،،، ستكونين معي رغم كلّ شيء،،،، و سأكون أنا رغم كلّ شيء.
لحظة البداية...كانت هناك في ذلك الماضي ذكرى، أما الآن فهي هنا.
*******توأمة بقلم القلادة الضائعة و عابر سبيل********