وقفات مع الحج
بسم الله الرحمان الرحيم
الحمدلله الذي وسع الوجود برحمته،وتجلت في الكون آثار عظمته،وخضع الكون كله لقهره وسطوته،أحمده سبحانه وأشكره أن جعل الجنان مثوىً لأهل بره وطاعته وجعل النيران موعد من عصاه وأعرض عن شريعته أما بعد:فيقول ربكم جل وعلامخاطباًأياكم:{ يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْمًا لَا يَجْزِي وَالِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَلَا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَنْ وَالِدِهِ شَيْئًا إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمْ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ(33)}(لقمان).
أيها الأحبة في الله هاهي مناسك الحج قد انتهت ولي مع تلك المناسك وقفات :
الوقفة الأولى: مع سعة رحمة الله وفرحته بطاعة عباده وهو الغني جل جلاله كيف لا وهو القائل في الحديث القدسي(ياعبادي لو أن أولكم وآخركم وأنسكم وجنكم كانوا على أتقى قلب رجل واحد منكم ما زاد ذلك في ملكي شيئاً،ياعبادي لو أن أولكم وآخركم وأنسكم وجنكم كانوا على أفجر قلب رجل واحد منكم ما نقص ذلك من ملكي شيئاً)) يقوم عباد على صعيد عرفات معهم ذنوب لو ظهرت للعيان لطاولت جبال عرفات ولبلغت عنان السماء ، كل منهم أمضى عمره في محادة الملك الديان غافلاً عن عظمته وسطوته،ثم يوم أن استجاب لنداء الله وجاء حاجاً لبيت الله محا عنه الكريم تلك الذنوب فهاهو جل جلاله يخاطب الركب وهم يفيضون من عرفات(أفيضوا عبادي مغفور لكم ولمن شفعتم فيهم)) الله أكبر ما أعظمه من رب كريم فأين من غفل عن هذه الرحمة العظيمة فلم يقبل على ربه فيدعوه ويستغفره ؟ ياقوم أن الله خلقنا ليرحمنا ولم يخلقنا ليعذبنا ألم تروا كم أرسل الله من الرسل وكم أنزل الله من الكتب ليدل الناس على طريق النجاة من العذاب،بل استمع معي أخي الحبيب إلى نداء ربك وهو يعلن ذلك في آيات تتلى في كتابه إلى يوم القيامة حيث يقول:{مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ وَكَانَ اللَّهُ شَاكِرًا عَلِيمًا(147}(النساء) ، لكن ترى عجباً من بعض العباد اتباع للهوى والشيطان وتمكين للشهوات يقول الله :{ إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئًا وَلَكِنَّ النَّاسَ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ(44}(يونس).
الوقفة الثانية: مع قوم كانوا حريصين أشد الحرص أن لايقعوا في محظور من محظورات الإحرام حتى لا يترتب عليهم جزاء ارتكاب ذلك المحظور من ذبح أو صيام أو صدقة لكنهم بعد الحج تراهم يرتكبون الخطايا العظام فاقول لمثل هؤلاء إن الذي حرم عليكم محظورات الإحرام هو الذي حرم عليكم الزنا هو الذي حرم عليكم الربا هو الذي حرم عليكم السمع الحرام هو الذي حرم عليكم النظر الحرام،أقول لهم أن الذي رتب على محظورات الإحرام جزاءً في الدنيا هو الذي رتب على المعاصي جزاء في الآخرة،أقول لهم احرصوا رحمني الله وإياكم على الفرار من جزاء الآخرةكما حرصتم على الفرار من جزاء الدنيا فروا إلى ربكم وخالقكم فها هو يناديكم : {فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ() وَلَا تَجْعَلُوا مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ(51}(الذاريات).
الوقفة الثالثة: مع صنفين من الناس أولهما من وفقه الله للحج فجاء به على ما شرع الله له ولم يرفث ولم يفسق في حجه،فأقول له أولاً احمد الله أن اصطفاك ووفقك من بين ملايين المسلمين الذين يتمنون حج بيته الحرام فوفقك لأداء هذه الفريضة العظيمة وفقك لأن تكون بين الجمع الذي باهى الله به ملائكته يوم عرفات وفقك لأن تدعوه ويستجيب لك وفقك للطواف بالبيت والسعي بين الصفا والمروة والشرب من ماء زمزم المبارك،وفقك لكل ذلك مع تقصيرك في جنبه وعصيانك لأوامره فاقدر نعمة الله عليك وأهم من ذلك كله مافزت به بإذن الله أن غفر الله لك ما تقدم من ذنبك فعادت صحائفك بيضاء كيوم ولدتك أمك يوم أن خرجت لهذه الدنيا ذنوب عشرين عاما أو أربعين عاما أو ستين عاما أو أقل أو أكثر محاها عنك الكريم بكرمه فلا تعد أخي لتسويد تلك الصفحات بذنوب جديدة وإن جرك الشيطان لبعضها فأوصيك بالتوبة والاستغفار الدائمين حتى تحافظ على نقاء صحيفتك ،
أخي الحبيب يامن من الله عليك بالتوبة والنقاء ألا ترى كيف تحافظ على ثوبك الأبيض إذا لبسته من أن يصيبه طين الشارع أو القذارة من أي مكان مع أنك تستطيع خلعه وتبديله إذا اتسخ فوالله لكتابك أشد حقاً من أن تحرص عليه فلا تستطيع تبديله إذا ما لطخته الذنوب والخطايا إلا باللجوء إ لى الكريم ليعفو عنك ويبدل سيئاتك حسنات فاعمل أخي الحبيب على أن تكون ممن يطير فرحاً في وسط جموع يوم الحشر الرهيب يوم يحشر الناس من لدن آدم إلى آخر ما خلق الله وأنت تصيح بأعلى صوتك : {..هَاؤُمْ اقْرَءُوا كِتَابِي()إِنِّي ظَنَنتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِي(20} واحرص أن لاتكون ممن ينادي نداء الحسرة والألم في ذاك اليوم بقوله:{ يَالَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِي()وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِي()يَالَيْتَهَا كَانَتْ الْقَاضِيَةَ()مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِي()هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِي(29}(الحاقة).وأما الصنف الثاني وهو من لم يُكتب له الحج ولكن وفقه الكريم لصيام يوم عرفه فأقول له هنيئاً لك أن خف عن كاهلك ذنوب عامين كاملين،فاقدر نعمة الله عليك وتخيل كم كان سيطول وقوفك وحسابك لو جئت بها في صحائفك وهذا يدفعك لمراجعة كتابك أولاً بأول حتى تكون من الفائزين ولا تهمله فتكون عياذاً بالله من الخاسرين.أعوذ بالله من الشيطان الرجيم :{.. قَالَ عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاءُ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ(156}(الأعراف) .
الخطبة الثانية
الحمدلله على إحسانه والشكر له على توفيقه وامتنانه وأشهد أن لا إله إلا الله تعظيماً لشأنه وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وأتباعه أما بعد:فهناك صنف من الناس لم تمكنه من الظروف من الحج ولو تمكن لحج ، ومنهم من لم يتمكن لا من الحج ولا من الصيام لظروف صحية أو نحوها فقد يسأل هؤلاء مالنا في هذا الموسم العظيم فأقول لهم إن ربكم كريم وإنه إن علم منكم صدق ذلك أعطاكم وأشرككم في الأجر أخرج البخاري عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِي اللَّهُ عَنْهُمَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا يَرْوِي عَنْ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ قَالَ(إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ االْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ ثُمَّ بَيَّنَ ذَلِكَ فَمَنْ هَمَّ بِحَسَنَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا كَتَبَهَا اللَّهُ لَهُ عِنْدَهُ حَسَنَةً كَامِلَةً فَإِنْ هُوَ هَمَّ بِهَا فَعَمِلَهَا كَتَبَهَا اللَّهُ لَهُ عِنْدَهُ عَشْرَ حَسَنَاتٍ إِلَى سَبْعِ مِائَةِ ضِعْفٍ إِلَى أَضْعَافٍ كَثِيرَةٍ وَمَنْ هَمَّ بِسَيِّئَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا كَتَبَهَا اللَّهُ لَهُ عِنْدَهُ حَسَنَةً كَامِلَةً فَإِنْ هُوَ هَمَّ بِهَا فَعَمِلَهَا كَتَبَهَا اللَّهُ لَهُ سَيِّئَةً وَاحِدَةً))(كتاب الرقاق باب من هم بحسنة).وأخرج أيضاً عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِي اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجَعَ مِنْ غَزْوَةِ تَبُوكَ فَدَنَا مِنَ الْمَدِينَةِ فَقَالَ(إِنَّ بِالْمَدِينَةِ أَقْوَامًا مَا سِرْتُمْ مَسِيرًا وَلَا قَطَعْتُمْ وَادِيًا إِلَّا كَانُوا مَعَكُمْ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَهُمْ بِالْمَدِينَةِ قَالَ وَهُمْ بِالْمَدِينَةِ حَبَسَهُمُ الْعُذْرُ))(كتاب المغازي) .وأما من فاته الموسم فلم يحج ولم يصم يوم عرفة واتخذ تلك الفترة فترة إجازة ولهو ونوم ولعب ومن اتخذ منها فترة لجمع المال دون أن يستحضر نية خدمة الحجيج فأعزيه على مافاته من خير عظيم وأقول له أيها الأخ الحبيب راجع نفسك وتبصر في حالك فإنه يُخشى أن تكون منعت من التوفيق للطاعة بسبب ذنوب منك عظيمة حالت بينك وبين التوفيق لطاعة ربك فارجع وتب إلى ربك واعلم أن الله تواب رحيم كيف لا وهو القائل في محكم التنزيل :{ قُلْ يَاعِبَادِي الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ(53} (الزمر).
.................................................. .......
أيها الأحبة في الله هاهي مناسك الحج قد انتهت ولي مع تلك المناسك وقفات :
الوقفة الأولى: مع سعة رحمة الله وفرحته بطاعة عباده وهو الغني جل جلاله كيف لا وهو القائل في الحديث القدسي(ياعبادي لو أن أولكم وآخركم وأنسكم وجنكم كانوا على أتقى قلب رجل واحد منكم ما زاد ذلك في ملكي شيئاً،ياعبادي لو أن أولكم وآخركم وأنسكم وجنكم كانوا على أفجر قلب رجل واحد منكم ما نقص ذلك من ملكي شيئاً)) يقوم عباد على صعيد عرفات معهم ذنوب لو ظهرت للعيان لطاولت جبال عرفات ولبلغت عنان السماء ، كل منهم أمضى عمره في محادة الملك الديان غافلاً عن عظمته وسطوته،ثم يوم أن استجاب لنداء الله وجاء حاجاً لبيت الله محا عنه الكريم تلك الذنوب فهاهو جل جلاله يخاطب الركب وهم يفيضون من عرفات(أفيضوا عبادي مغفور لكم ولمن شفعتم فيهم)) الله أكبر ما أعظمه من رب كريم فأين من غفل عن هذه الرحمة العظيمة فلم يقبل على ربه فيدعوه ويستغفره ؟ ياقوم أن الله خلقنا ليرحمنا ولم يخلقنا ليعذبنا ألم تروا كم أرسل الله من الرسل وكم أنزل الله من الكتب ليدل الناس على طريق النجاة من العذاب،بل استمع معي أخي الحبيب إلى نداء ربك وهو يعلن ذلك في آيات تتلى في كتابه إلى يوم القيامة حيث يقول:{مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ وَكَانَ اللَّهُ شَاكِرًا عَلِيمًا(147}(النساء) ، لكن ترى عجباً من بعض العباد اتباع للهوى والشيطان وتمكين للشهوات يقول الله :{ إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئًا وَلَكِنَّ النَّاسَ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ(44}(يونس).
الوقفة الثانية: مع قوم كانوا حريصين أشد الحرص أن لايقعوا في محظور من محظورات الإحرام حتى لا يترتب عليهم جزاء ارتكاب ذلك المحظور من ذبح أو صيام أو صدقة لكنهم بعد الحج تراهم يرتكبون الخطايا العظام فاقول لمثل هؤلاء إن الذي حرم عليكم محظورات الإحرام هو الذي حرم عليكم الزنا هو الذي حرم عليكم الربا هو الذي حرم عليكم السمع الحرام هو الذي حرم عليكم النظر الحرام،أقول لهم أن الذي رتب على محظورات الإحرام جزاءً في الدنيا هو الذي رتب على المعاصي جزاء في الآخرة،أقول لهم احرصوا رحمني الله وإياكم على الفرار من جزاء الآخرةكما حرصتم على الفرار من جزاء الدنيا فروا إلى ربكم وخالقكم فها هو يناديكم : {فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ() وَلَا تَجْعَلُوا مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ(51}(الذاريات).
الوقفة الثالثة: مع صنفين من الناس أولهما من وفقه الله للحج فجاء به على ما شرع الله له ولم يرفث ولم يفسق في حجه،فأقول له أولاً احمد الله أن اصطفاك ووفقك من بين ملايين المسلمين الذين يتمنون حج بيته الحرام فوفقك لأداء هذه الفريضة العظيمة وفقك لأن تكون بين الجمع الذي باهى الله به ملائكته يوم عرفات وفقك لأن تدعوه ويستجيب لك وفقك للطواف بالبيت والسعي بين الصفا والمروة والشرب من ماء زمزم المبارك،وفقك لكل ذلك مع تقصيرك في جنبه وعصيانك لأوامره فاقدر نعمة الله عليك وأهم من ذلك كله مافزت به بإذن الله أن غفر الله لك ما تقدم من ذنبك فعادت صحائفك بيضاء كيوم ولدتك أمك يوم أن خرجت لهذه الدنيا ذنوب عشرين عاما أو أربعين عاما أو ستين عاما أو أقل أو أكثر محاها عنك الكريم بكرمه فلا تعد أخي لتسويد تلك الصفحات بذنوب جديدة وإن جرك الشيطان لبعضها فأوصيك بالتوبة والاستغفار الدائمين حتى تحافظ على نقاء صحيفتك ،
أخي الحبيب يامن من الله عليك بالتوبة والنقاء ألا ترى كيف تحافظ على ثوبك الأبيض إذا لبسته من أن يصيبه طين الشارع أو القذارة من أي مكان مع أنك تستطيع خلعه وتبديله إذا اتسخ فوالله لكتابك أشد حقاً من أن تحرص عليه فلا تستطيع تبديله إذا ما لطخته الذنوب والخطايا إلا باللجوء إ لى الكريم ليعفو عنك ويبدل سيئاتك حسنات فاعمل أخي الحبيب على أن تكون ممن يطير فرحاً في وسط جموع يوم الحشر الرهيب يوم يحشر الناس من لدن آدم إلى آخر ما خلق الله وأنت تصيح بأعلى صوتك : {..هَاؤُمْ اقْرَءُوا كِتَابِي()إِنِّي ظَنَنتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِي(20} واحرص أن لاتكون ممن ينادي نداء الحسرة والألم في ذاك اليوم بقوله:{ يَالَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِي()وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِي()يَالَيْتَهَا كَانَتْ الْقَاضِيَةَ()مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِي()هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِي(29}(الحاقة).وأما الصنف الثاني وهو من لم يُكتب له الحج ولكن وفقه الكريم لصيام يوم عرفه فأقول له هنيئاً لك أن خف عن كاهلك ذنوب عامين كاملين،فاقدر نعمة الله عليك وتخيل كم كان سيطول وقوفك وحسابك لو جئت بها في صحائفك وهذا يدفعك لمراجعة كتابك أولاً بأول حتى تكون من الفائزين ولا تهمله فتكون عياذاً بالله من الخاسرين.أعوذ بالله من الشيطان الرجيم :{.. قَالَ عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاءُ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ(156}(الأعراف) .
الخطبة الثانية
الحمدلله على إحسانه والشكر له على توفيقه وامتنانه وأشهد أن لا إله إلا الله تعظيماً لشأنه وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وأتباعه أما بعد:فهناك صنف من الناس لم تمكنه من الظروف من الحج ولو تمكن لحج ، ومنهم من لم يتمكن لا من الحج ولا من الصيام لظروف صحية أو نحوها فقد يسأل هؤلاء مالنا في هذا الموسم العظيم فأقول لهم إن ربكم كريم وإنه إن علم منكم صدق ذلك أعطاكم وأشرككم في الأجر أخرج البخاري عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِي اللَّهُ عَنْهُمَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا يَرْوِي عَنْ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ قَالَ(إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ االْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ ثُمَّ بَيَّنَ ذَلِكَ فَمَنْ هَمَّ بِحَسَنَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا كَتَبَهَا اللَّهُ لَهُ عِنْدَهُ حَسَنَةً كَامِلَةً فَإِنْ هُوَ هَمَّ بِهَا فَعَمِلَهَا كَتَبَهَا اللَّهُ لَهُ عِنْدَهُ عَشْرَ حَسَنَاتٍ إِلَى سَبْعِ مِائَةِ ضِعْفٍ إِلَى أَضْعَافٍ كَثِيرَةٍ وَمَنْ هَمَّ بِسَيِّئَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا كَتَبَهَا اللَّهُ لَهُ عِنْدَهُ حَسَنَةً كَامِلَةً فَإِنْ هُوَ هَمَّ بِهَا فَعَمِلَهَا كَتَبَهَا اللَّهُ لَهُ سَيِّئَةً وَاحِدَةً))(كتاب الرقاق باب من هم بحسنة).وأخرج أيضاً عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِي اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجَعَ مِنْ غَزْوَةِ تَبُوكَ فَدَنَا مِنَ الْمَدِينَةِ فَقَالَ(إِنَّ بِالْمَدِينَةِ أَقْوَامًا مَا سِرْتُمْ مَسِيرًا وَلَا قَطَعْتُمْ وَادِيًا إِلَّا كَانُوا مَعَكُمْ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَهُمْ بِالْمَدِينَةِ قَالَ وَهُمْ بِالْمَدِينَةِ حَبَسَهُمُ الْعُذْرُ))(كتاب المغازي) .وأما من فاته الموسم فلم يحج ولم يصم يوم عرفة واتخذ تلك الفترة فترة إجازة ولهو ونوم ولعب ومن اتخذ منها فترة لجمع المال دون أن يستحضر نية خدمة الحجيج فأعزيه على مافاته من خير عظيم وأقول له أيها الأخ الحبيب راجع نفسك وتبصر في حالك فإنه يُخشى أن تكون منعت من التوفيق للطاعة بسبب ذنوب منك عظيمة حالت بينك وبين التوفيق لطاعة ربك فارجع وتب إلى ربك واعلم أن الله تواب رحيم كيف لا وهو القائل في محكم التنزيل :{ قُلْ يَاعِبَادِي الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ(53} (الزمر).
.................................................. .......